التغيير والتحديث وبناء الدولة يتطلب وعيا حداثيا بالمواطنة
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
من مهازل البعض من الناشطين والحزببين ومن تلقوا تعليما جامعيا او عاليا انتمائهم الى مشاريع جهوية ومذهبية واصبحوا يتفاخرون بذلك ويرى بعضهم ان القيادات القبلية والعسكرية ستقود مشروع التغيير وبناء الدولة المدنية ..
فالدولة المدنية لايمكن ان تتحقق من خلال احزاب وجماعات جهوية او قبلية او مذهبية ولم نرى هذا الامر في اي بلد في العالم لأن هذه الانتماءات تستند الى بنى سابقة للتغير والتحديث ومن ثم لايمكن لها ان تتولى الدعوة ناهيك عن العمل السياسي لبناء دولة مدنية فهذه الاخيرة حال وجودها تنفي ما عداها من تنظيمات سابقة لها لانها -اي الدولة- تعبير عن مرحلة متطورة من الفكر والبناء التنظيمي والفلسفة السياسية وصولا الى العقد الاجتماعي الناظم لشؤونها . ولايمكن التعايش بين هذه التنظيمات الجهوية والمذهبية سياسيا -الدولة لابد وان تدمج تلك الكيانات التقليدية في مسار التغيير وتذوب ابنيتها التنظيمة لصالح بناء سياسي جديد (الدولة) وهنا تكمن الاشكالية في وعي جزء من النخبة السياسية وهو وعي غير علمي -حزبي وجهوي – لم يتبلور لديهم وعي حداثي بماهية التغيير والدولة والمدنية – ومعنى ذلك ان سنوات الازمة كلها لم تتشكل معها نخب وطنية حديثة ولم يتشكل معها وعي مدني وحداثي -وهي ازمة بحد ذاتها – لانها تعكس تشوه الوعي ومسارات العمل السياسي وبؤس الاحزاب وقياداتها التي اصبحت ضعيفة وكسيحة الا حينما تُدعى للمحاصصة والغنيمة لتشكل واجهة لمن يمسك بالقرار السياسي وسلطة الدولة.. وهنا تظهر واحدة من حالات الوعي الزائف حيث اصحاب الشهادات العليا لاتتوافق معارفهم ووعيهم مع مضمون شهاداتهم ان كانت صحيحة ..
خلاصة القول ان التغيير والتحديث وبناء الدولة يتطلب وعيا حداثيا بالمواطنة ودولة القانون والمؤسسات بعيدا عن مراكز القوى ايا كانت ..اللافت هنا ان الازمة الراهنة لم تترك خيارات كثيرة متاحة امام المواطنين وعامة المجتمع -لان حياتهم اليومية تقتضي التكيف مع الواقع الراهن لاستمرار الحياة بكل مطالبها البسيطة وهذا حقهم الطبيعي – ومن ثم فالخيارات السياسية يجب ان تعلنها احزاب وتكتلات سياسية جميعها غائبة نظرا لغياب تلك المسميات واصابتها بفقدان الحركة او التبعية لمراكز قوى تقليدية ..وعندما كانت الاحزاب موجودة ولها فاعلية لم تستطع التغلغل في القبيلة وتحويل ابنائها نحو وعي سياسي جديد -الدليل مانراه اليوم –في هذا السياق …
من سنوات كان احدهم – يدعي انه مهتم بالحقوق والمدنية وينتقد العسكر لكنه يرحب بالقبيلة والشيخ .. طبعا القبيلة كمؤسسة اجتماعية امر واقعي وتشكل اجتماعي يسود غالبية المجتمعات وتعمل الدولة لتمكين الافراد للخروج من عصبياتهم الجهوية نحو الدولة ومشروعها الوطني الجامع لكل ابناء المجتمع .. اليوم هناك من يراهن بالتغيير على اسماء محددة لم تكن لها دور او حضور وطني طيلة ثلاثين سنة سابقة -اليمن تحتاج الى جهود كل الشرفاء والوطنيين وبناء تحالف واسع من هؤلاء من اجل التغيير والتجديد والمستقبل -الرهان على الانفراد بالسلطة لايحقق استقرار ولا تجديد بل استمرار للفوضى وتعميمها ..
اخيرا نقول -نعم لخروج اليمن من نفق الازمات والبؤس الاقتصادي -نعم لليمن في اطار دولة حديثة تتسع معها حريات الافراد والمواطنة المتساوية ..!